هل يرضى أحد بأن يلقى بكل أسلحته، ويرفع يديه مستسلما لأعدائه دون أدنى مقاومة؟
لن يجيب أحد بنعم، رغم أن كثيرين يفعلون ذلك فى غفلة، أو عن جهل وسوء فهم، حيث يفتحون صدورهم لأعدائهم الفتاكين من الجراثيم والفيروسات، والمواد الضارة بعد أن أهدروا أجهزتهم المناعية- جيش الدفاع الذى من الله به على كل إنسان.
ما يسبب انتشار أمراض نقص المناعة، وتحول الجهاز المناعى إلى فتات هش لا يواجه جرثومة، ولا يطرد ميكروبا، وصارت أجسادنا ساحة مستباحة، تغزوها أمراض لم نسمع بها قبلاً، وكل ذلك ثمرة عدم الحفاظ على جهاز المناعة.
والسؤال الذى يطرح نفسه هنا هو كيف يظل هذا الجهاز قويا، مؤدياً دوره، ومحققاً وظيفته؟
أشار الدكتور محمود موافى، أستشارى أمراض جهاز المناعة والدم بجامعة القاهرة، إلى أن جهاز مناعة الجسم له أهمية خاصة وعالية فى تعزيز قدرات الإنسان على مقاومة عدوى الأمراض الناجمة عن الفيروسات والبكتيريا والفطريات والديدان والطفيليات.
وكذلك له دور كبير فى مساعدة الجسم على مقاومة تأثيرات العوامل البيئية الضارة، بأنواعها الفيزيائية والكيميائية والاجتماعية، كالإشعاعات والتلوث البيئى وضغوطات توتر الحياة اليومية وغيرها.
ومن المعلوم أن غالبية الأمراض بخلاف الإصابات وأذى النفس، إنما هى ناتجة عن تأثير الميكروبات والعوامل البيئية، لذا فإن حرص الإنسان على رفع كفاءة عمل جهاز المناعة الحساس هو الأساس لحفاظه على قدرات بدنية عالية للقيام بمتطلبات الحياة وأعبائها، كما أنه الأساس فى حماية جسمه من الأمراض، وإلا فإن الأمراض الميكروبية ستتوالى على الجسم، لتنهش قواه وسلامة أعضائه.
وسيغلب على الإنسان الخمول، وتدنى القدرات على أداء الأنشطة اليومية. والحل هنا لا يكون باستشارة الأطباء، ولا بشراء أصناف الأدوية من الصيدليات، بل بتحسين نوعية ممارسة الحياة اليومية، وبمراجعة مجموعة من الإصدارات الطبية أو يمكن تلخيص ثمانية عناصر مساعدة على تعزيز قدرات جهاز المناعة. وهى:
1- تناول الأطعمة الصحيةإن تناول تشكيلة من وجبات الطعام المحتوية على الخضار والفواكه والبقول والحبوب الكاملة ومشتقات الألبان واللحوم والمكسرات، ضرورى لمد الجسم بالعناصر الغذائية اللازمة لإنتاج الطاقة وبناء الأنسجة.
كما أنه ضرورى وأساس فى تزويد الجسم بالمعادن والفيتامينات اللازمة لإنتاج وإجراء التفاعلات الكيميائية الحيوية بالجسم.
وأحد أهم المظاهر المشتركة لنقص العديد من الأملاح أو الفيتامينات، يكمن فى تدنى مناعة الجسم وسهولة الإصابة بالأمراض الميكروبية.
لذلك يجب الحرص على حفظ وزن الجسم ضمن المعدلات الطبيعية، بتناول كمية متوازنة من الأطعمة، حفاظا على عمل جهاز المناعة بشكل طبيعى. وكذلك الحرص على تناول الأطعمة الطازجة ما أمكن، والتقليل من تناول الأطعمة الجاهزة.
2 سماع القرآن يقوى جهاز المناعةالدكتور أحمد السحار، استشارى أمراض جهاز المناعة والدم، الذى أجرى مجموعة من الدراسات على اشخاص غير مسلمين ولا يعرفون العربية أصلا، وبالاتفاق مع المستشفيات وبالاتفاق مع المرضى أنفسهم، يقول: "أثبت عمليا أن سماع القرآن- بغض النظر عن فهمه واستيعابه- يؤدى إلى زيادة درجة المناعة عند الناس، وهذا يفسر قوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا} بأنه يعنى أن القرآن يؤهل
جهاز المناعة لمقاومة كل الأمراض".
3- النوم الكافىإن نوم الشخص البالغ ما بين 7 إلى 8 ساعات ليلا، أمر مفيد للغاية فى ضبط عمل أجهزة الجسم. والدراسات التى تناولت شأن أهمية النوم الليلى، ولمدة كافية منه، أثبتت جدوى ذلك فى رفع مناعة الجسم وتقليل الإصابة بالأمراض المزمنة، كأمراض شرايين القلب والسكرى والسمنة والربو وغيرها.
وتشير المصادر الطبية إلى أن االدراسات المقارنة أثبتت أن النوم الليلى يسهم فى تقليل الإصابات بنزلات البرد وغيرها من الأمراض الفيروسية والبكتيرية، وفى تسريع معالجتها، بالإضافة إلى رفع قوة إستجابة الجسم لأنواع لقاحات الأمراض العدية.
ولذا فإن أول العناصر التى من المهم العناية بها هو إعطاء الجسم قسطا كافيا من النوم الليلى.
4- شرب الماء
إن تناول الكمية اللازمة للجسم من الماء هو وسيلة لإمداد الجسم بحاجته من هذا العنصر الغذائى الحيوى.
وضرورة الماء للجسم تنبع من دوره فى تسهيل نقل العناصر الغذائية لأجزاء الجسم المختلفة، وإلى خلايا المناعة المنتشرة فى كافة الأنسجة القريبة والبعيدة، عبر الدم، بالإضافة إلى تسهيل تنقل خلايا مناعة الجسم عبر الأوعية الليمفاوية.
والماء له دور فى تسهيل حصول التفاعلات الكيميائية الحيوية اللازمة لإنتاج الطاقة وإنتاج الكثير من المواد الكيميائية الفاعلة فى الجسم.
كما أن توفر الماء يسهل إخراج السموم من الجسم، ويحرم الميكروبات من فرص دخولها إلى الجسم وتكاثرها فيه.
فجفاف أغشية الجهاز التنفسى العلوى يسهل حصول الالتهابات الميكروبية فيه. وكعلامة على حصول الجسم على الكميات الكافية من الماء فإن لون البول يكون فاتحا.
5- تناول اللبن الزبادى وعسل النحل والثومأكدت الدراسات أن لبن الزبادى يحتوى على مواد تقاوم الميكروبات التى تسبب أمراض الجهاز الهضمى مثل: الدوسنتاريا، كما أنه ينشط الخلايا الآكلة للميكروبات، ويفيد فى علاج الإسهال.
أما عسل النحل فيحتوى على مواد تقاوم الميكروبات، وتقتل الجراثيم، بالإضافة إلى أنه يفيد فى علاج الجروح والقروح، كما يفيد فى عدد من الأمراض.
بينما الثوم له خاصية مقاومة الجراثيم، حيث أوضحت دراسات أجريت فى أمريكا أن تناول الثوم يساعد فى تقوية جهاز المناعة، ويخفض كوليسترول الدم، ويسهم فى الوقاية من مرض شرايين القلب التاجية.
6- تخفيف الاجهاد والتوترومن أولى خطوات معالجة الإصابات بالأمراض الميكروبية اللجوء إلى الراحة وتجنب الإجهاد النفسى والبدنى. إذ يؤدى التوتر النفسى و
القلق والكتئاب إلى خفض مستوى نشاط مناعة الجسم، وإلى سهلة الإصابة بالأمراض المعدية والتأثر بالملوثات البيئية.
وهناك تأثيرات مباشرة لهذه الاضطرابات النفسية، وتأثيرات غير مباشرة على مناعة الجسم، من خلال تأثيرها على النوم والغذاء والنشاط البدنى وعمل أجهزة وأعضاء الجسم والتعرض للمؤثرات البيئية وغيرها.
7- 3 أكواب من الشاى يومياهل تبحث عن شئ يقوى جهاز المناعة لديك، ويحميك من أخطر ثلاثة أمراض قاتلة؟ وهل تريد كذلك تقوية لثتك وحماية أسنانك؟ إن علاج ذلك كله تجده فى كأس الشاى الأخضر الذى بين يديك، وباستثناء عصائر الحمضيات، فإنه يصعب عليك أن تجد شرابا صحيا أكثر من الشاى، ويقول الخبراء: إن هذا الشراب يفعل كل ما هو مفيد ونافع لك.
تقول الدكتورة سينثيا بوك، استشارية التغذية بكلية الطب فى ويسكونسن: " يحتوى الشاى الأخضر على مادة مانعة للتأكسد تسمى Polyphenal، وتفيد الدراسات التى أجريت حول الشاى فى أنه يقى من السرطان وأمراض القلب والسكتات الدماغية، وهى الأمراض الثلاثة الأكثر فتكا بحياة الأمريكيين".
8- الامتناع عن التدخينحينما يدخن الشخص فإنه يعرض جسمه لأكثر من4000 مركب كيميائى، 60 منها معلوم أنها قد تتسبب بأحد الأمراض السرطانية، وغنى عن الذكر أن التدخين يرفع من احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسى، بشقيها المعدى وغير المعدى.
وهو يؤثر سلبا على خلايا مناعة الجسم المنتشرة بشكل خاص على أغشية الجهاز التنفسى، من الأنف وحتى الرئه، ومن المعلوم أن من مهام هذه الخلايا ملاحظة ومقاومة الميكروبات التى قد تدخل عبر هذا المنفذ إلى الجسم، وتشير المصادر الطبية إلى أن التحسن فى نشاط وكفاءة جهاز مناعة الجسم يبدأ بعد شهر من التوقف عن التدخين.
9- ضبط المضادات الحيويةتستخدم المضادات الحيوية كأحد وسائل معالجة الأمراض البكتيرية، ويؤدى سوء استخدامها بأشكال عدة، إلى إضعاف قدرة جهاز مناعة الجسم على مقاومة البكتيريا. كما أن كثرة تناولها، وبلا داع طبى، يربك تفاعلات جهاز المناعة مع أنواع البكتيريا الموجودة فى الجسم أو التى قد تصيبه.
لذا فإن مقاومة الإصابات البكتيرية تتطلب اللجوء إلى الأطباء، للتأكد من مدى الحاجة إلى تناول المضاد الحيوى، كما تتطلب اتباع الوسائل العلاجية الطبيعية المفيدة فى القضاء على الميكروبات.
10- ممارسة الرياضة البدنيةهناك عدة آليات، تساعد من خلالها ممارسة الرياضة البدنية على تنشيط عمل جهاز مناعة الجسم، منها ما يتعلق بتنشيط القلب والرئة والدورة الدموية والأوعية اللمفاوية، وبالتالى تغلغل خلايا المناعة فى الجسم بشكل واسع وكاف. ومنها ما يتعلق بالتغيرات الهورمونية والكيميائية فى الجسم نتيجة ممارسة الرياضية البدنية.
وبعضها الأخر يتعلق بتنشيط كفاءة عمل أعضاء الجسم كالعضلات والمفاصل والجهاز الهضمى والكبد والدماغ والغدد الصاء وغيرها. والمطلوب، والذى ثبتت فاعليته فى رفع مناعة الجسم، هو ممارسة رياضة الأيروبيك الهوائية، يوميا بالإضافة إلى الهرولة لمدة نصف ساعة.
11- الضحك والمرحالعواطف والمشاعر المليئة بالإيجابية مضمونة فى رفع مستوى عمل جهاز مناعة الجسم. وهناك العديد من الدراسات الطبية التى أثبتت دور الفرح والضحك والفكاهة فى تقليل الإصابات بالأمراض الفيروسية أو البكتيرية الشائعة، وكذلك فى زيادة مناعة الجسم.