بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على اشرف المرسلين , سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محاضرتي يوم أمس بعنوان " التوبة "
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ..
الحمد لله الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي اخرج المرعى فجعله غثاءً أحوى
الحمد لله حتى يرضى والحمد لله اذا رضي والحمد لله على الرضا والحمد لله بعد الرضا ,,
وسلام على عبادة الذين اصطفى , لا سيما نبينا المصطفى , ومن باثاره وسنته اقتدى واهتدى واقتفى واكتفى وارتضى .
يا سيدي قلوبنا شوقا اليك تحج كل عام , تقف عند عتبة المقام تقرؤك السلام , يا سيدي عليك أفضل الصلاة والسلام .
إن البرية يوم مبعث احمد نظر الاله لها فبدل حالها ..
بل كرم الانسان حين اختار من خير البرية نجمها وهلالها ..
لبس المرقع وهو قائد امة , جبت الكنوز فكثرت اغلالها ..
نظر الاله لهاا ..
نظر الاله لها لما راها تمشي نحوه لا تبتغي الا رضاه تعالى ,
يا نور من صلى عليه فانه يحوي الاماني بالنعيم السرمدي
يا قومنا صلو عليه لتظفروا بالبشر والعيش الهني الارغد
ان شئت من بعد الضلالة تهتدي , صلي على الهادي النبي الاحمد
صلى عليه الله جل جلاله , ما لاح في الافاق نجم الفرقد
أما بعد أخواتي الحبيبات ,,
يا هذه القلوب المشرقة النيرة الصباح
والقلوب المفعمة بالله وايمانا وتصديقا بكتاب الله ورسول الله
يا هذه القلوب التي ان احسنت فيها قولا فانما هو قول اني احبكن في الله .. محبة اختصها لي ولكم كي نرتقي بمحبة الله,,
فيا ربنا يا ربنا يا ربنا احبناا ..
وبعد اخواتي الفاضلات :
فسبحان الذي جعل للتائبين من عبادة بابا لا يوصد
وسبحان الذي يبسط يده بالليل والنهار لكل مسرف ومقتصد
والحمد لله الذي جعل اسما من اسمائه التواب لكل تائب ومذنب ..
الحمد لله على التوبة
الحمد لله على الانابة
الحمد لله على الرفعة
الحمد لله الذي يقول في كتابه العزيز :
" يا ايها الذين امنوا توبوا الى الله توبة نصوحا ... "
فهذا نداء من رب السماوات , خالق البريات , منزل البركات ,
رب كريم رحيم ينادي في عباده ان توبوا الي توبة نصوحا , اغفر لكم ذنوبكم واكفر عنكم سيئاتكم وادخلكم جنات تجري من تحتها الانهار , هذا ونعم القرار.
فمن منا يا اختي ليست لها معصية
ومن منا ليس لديها خطيئة
ومن منا ليس لها ذنب
من منا لم تفعل كذا وكذا في يوم كذا وكذا ؟!!
والله سبحانه وتعالى رقيب على افعالها على اقوالها على اعمالها ,,
فهو القائل في الحديث القدسي :
عبدي ..
استهونت بلقائي ..
اكنت عليك هينا ؟!
اظننت انك لن تلقاني؟!
اكنت تتجمل للناس وتاتيني بالقبيح
الم اكن رقيبا على عينيك وانت تنظر بهما الى الحرام
الم اكن رقيبا على قدميك وانت تسير بهما الى الحرام
ما غرك بي يا عبدي؟!
اذا ما قال لي ربي ** اما استحييت تعصيني
وتخفي الذنب من خلقي**وبالعصيان تاتيني
فالله سبحانه وتعالى يرى ذنوبنا , وتقصيرنا ومع ذلك يغفر ويتوب , يعاملنا برحمته وهو الغني عنا , ونتبغض اليه بمعاصينا ونحن احوج ما نكون اليه ,,
ففي الحديث :
اني والانس والجن في نبا عظيم ,
اخلق ويعبد غيري , ارزق ويشكر سواي ,
خيري الى العباد نازل, وشرهم الي صاعد ,
اتودد اليهم برحمتي وانا الغني عنهم , ويتبغضون الي بالمعاصي وهم افقر ما يكونون الي
اهل ذكري اهل مجالستي , فمن اراد ان يجالسني فالبذكرني , اهل طاعتي اهل محبتي
اهل معصيتي لا اقنطهم من رحمتي , ان تابوا الي فانا حبيبهم وان ابوا فانا طبيبهم , ابتليهم بالمصائب لاطهرهم من المعايب ,
من اتاني منهم تائبا تلقيته من بعيد , ومن اعرض ناديته من قريب , اقول له الى اين تذهب الك رب سواي؟
الحسنة عندي بعشرة امثالها وازيد , والسيئة بمثلها واعفو وعزتي وجلالي لو استغفروني منها لغفرتها لهم .
لذلك اختي الفاضلة :
لا بد لنا من توبة خالصة نغسل بها ذنوبنا
لا بد من توبة يتوب بها الله علينا
لا بد لنا من توبة قبل ان تصل الروح الحلقوم ,
قبل ان يقول الصغير واشيبتاه
ويقول الشاب واحسرتاه
ويقول الشيخ الكبير واشيبتاه
لا بد لنا من تبوة قبد ان يدركنا هادم اللذات , ومفرق الجماعات , ومشتت البنين والبنات
قبل ان يدركنا الموت فيقول العاصي :
" رب ارجعون , لعلي اعمل صالحا فيما تركت " فيقال له " كلا انها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثوان "
لا بد لنا من توبة نرفعها الى الله
نقف فيها بين يدي الله في ظلمة الليل ننادي يا الله اغفر لنا ذنوبنا تقبل حوبتنا اقبل توبتنا
فالله يتنزل في ثلث الليل الاخر الى السماء الدنيا تنزيلا يليق بجلاله فينادي في عباده ومنهم : نائمون , منهم العاصون منهم الغافلون , ومع ذلك ينادي الله جل جلاله ويقول :
هل من مستغفر فاغفر له ؟ هل من تائب فاتوب عليه ؟!
بربكم من بحاجة الى من ؟
الله بحاجة لنا ام العكس
ومع ذلك لو نام الناس كلهم في هذه الساعة لتنزل الملك ونادي هل من مستغفر فاغفر له ؟؟؟
* * *
والان قد تقولين ذنوبي كثيرة فكيف يغفر الله لي ؟!
اقول لك استمعي لقوله تعالى وهو يقول في كتابه العزيز :
" قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم "
لم يقل يا عبادي الذين اذنبوا , ولم يقل يا عبادي الذين اخطاوا بل قال : يا عبادي الذين اسرفوا , الذين اهلكوا انفسهم بالمعاصي اي لا تقنطوا من رحمتي اني اغفر الذنوب جميعا .
تخيلي الله يقول لكِ :
يا امتِ اكذبت لا تقنطي اتوب عليكِ
يا امت اعصيت لا تقنطي اتوب عليكِ
يا امت اسرقت لا تقنطي اتوب عليك
يا امت اعصيت زوجك لا تقنطي اتوب عليكِ
يا امت اقصرت في حقي لا تقنطي اتوب عليكِ .
ان الله يبسط يده بليل ليتوب مسيئ النهار , ويبسط يده بالليل ليتوب مسيئ النهر وذلك حتى تطلع الشمس من مغربها ,
فالتوبة عند طلوع الشمس من مغربها لا تقبل
فبادري الى التوبة وكوني من التوابين
يقول مجاهد:
" من لم يتب اذا امسى واذا اصبح فهو من الظامين "
ممكن ان تقولي : انا ما عبدت الله من قبل , فكيف يسمع دعائي وانا لم ادعوهمن قبل ؟!
استمعي لهذا الحديث :
اذا قال العبد العاصي يا رب تحجب الملائكة صوته , ثم يقول يا رب فتحجب الملائكة صوته ثم يقول يا رب فتحجب الملائكة صوته ثم يقول يا رب فيقول الله جل في هلاه : الى متى تحجبون صوت عبدي عني ؟ لبيك عبدي لبيك عبدي لبيك عبدي لبيك عبدي .
كيف لا وهو القائل :
يا ابن ادم انك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا ابالي ,
يا ابن ادم لو بلفت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا ابالي
يا ابن ادم لنك لو اتيتني بقراب الارض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لاتيتك بقرابها مغفرة .
الله سبحانه وتعالي يغفر الذنوب جميعا ,,
استمعي لهذه القصة :
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله قال : ( كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا ، فسأل عن أعلم أهل الأرض ، فدُلَّ على راهب ، فأتاه فقال : إنه قتل تسعة وتسعين نفسا ، فهل له من توبة ، فقال : لا ، فقتله فكمل به مائة ، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض ، فدُلَّ على رجل عالم ، فقال : إنه قتل مائة نفس ، فهل له من توبة، فقال : نعم ، ومن يحول بينه وبين التوبة ، انطلق إلى أرض كذا وكذا ، فإن بها أناسا يعبدون الله ، فاعبد الله معهم ، ولا ترجع إلى أرضك ، فإنها أرض سوء ، فانطلق حتى إذا نصَفَ الطريق أتاه الموت ، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، فقالت ملائكة الرحمة : جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله ، وقالت ملائكة العذاب : إنه لم يعمل خيرا قط ، فأتاهم ملَكٌ في صورة آدمي ، فجعلوه بينهم ، فقال : قيسوا ما بين الأرضين ، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له ، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد ، فقبضته ملائكة الرحمة ).
وقصة اخرى :
في عهد سيدنا موسى عليه السلام
رُوي أنه لحق بني إسرائيل قحط على
عهد موسى عليه السلام
فاجتمع الناس إليه
فاجتمع الناس إليه
وقالوا يا كليم الله أدع لنا ربك
يسقينا الغيث
فقام معهم، وخرجوا إلى الصحراء وهم
سبعون ألفا أو يزيدون
سبعون ألفا أو يزيدون
وسأل ربه عن ذلك فأوحى الله إليه
إن فيكم عبدا يبارزني بالمعاصي منذ
أربعين سنه، فناد في الناس حتى
يخرج من بين أظهركم فبه منعتكم
فقال موسى: إلهي وسيدي أنا عبد
ضعيف، وصوتي ضعيف، فأين يبلغ وهم
سبعون ألفا أو يزيدون؟؟
فأوحى الله إليه: منك النداء ومنا البلاغ
فقام موسى مناديا: يا أيها العبد العاص، الذي يبارز الله بالمعاصي منذ أربعين سنه أخرج من بين أظهرنا فبك منعنا المطر
فنظر العبد العاصي ذات اليمين وذات الشمال فلم ير أحدا خرج منهم فعلم أنه المطلوب
فقال في نفسه: إن أنا خرجت من بين هذا الخلق فَضَحتُ نفسي، وإن قعدت معهم منعوا لأجلي
فأدخل رأسه في ثيابه
نادما على فعاله
وقال: إلهي وسيدي .. عصيتك
أربعين سنه وأمهلتني،
وقد أتيتك طائعا فاقبلني
فلم يستتم كلامه حتى ارتفعت سحابه بيضاء فأمطرت كأفواه القرب
فقال موسى: إلهي وسيدي .. بماذا سقيتنا وما خرج من بين أظهرنا أحد؟
فقال: ياموسى ...
سقيتكم بالذي منعتكم
فقال موسى :إلهي ..
أرني هذا العبد الطائع
فقال: ياموسى، لم أفضحه وهو يعصيني، أأفضحه وهو يطيعني
قال الله تعالى في كتابه العظيم
"ويا قومِ اِسّتَغْفِرُوا رّبْكُمْ ثُمَ تُوبُوا إليهِ يُرّسِلْ اَلَسَمَاءُ عَلَيّكُمْ مِدْرَارَا ويُزِدْكُمْ قَوةً إلى قُوَتِكُمْ ولا تَتَوّلَوّاُ مُجَرِمَينَ"
وحقيقة التوبة يا اختي كما قال ذو النون المصري :
حقيقة التوبة ان تضيق عليك الارض بما رحبت فلا يطيب لك قرار , وتضيق عليك نفسك , كما اخبر الله تعالى في كتابه يقول:
" وضاقت عليهم انفسهم وظنوا ان لا ملجا من الله الا اليه ثم تاب عليهم ليتوبوا "
ولا تتحقق التوبة الا بثلاثة شروط :
ترك المعصية , والندم على ما كان , والعزم على عدم العودة .
اعلمي اخيتي ان الله يفرح بتوبه عبد اليه فرحا عظيما :
"قال رسول الله "لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح" رواه مسلم."
الهي لا تعذبني فاني ** مقر باللذي قد كان مني
يظن الناس بي خيرا واني ** لشر الناس لن لم تعف عني
اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اليومية
