1- ما يجب على المريض
1 - على المريض أن يرضى بقضاء الله ويصبر على قدره ويحسن الظن بربه ذلك خير له لقوله صلى الله عليه وسلم :
"عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له".
وقوله صلى الله عليه وسلم : "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى".
2 - وينبغي عليه أن يكون بين الخوف والرجاء يخاف عقاب الله على ذنوبه ويرجو رحمة ربه لحديث أنس المعروف عند الترمذي وغيره :
أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو بالموت فقال: كيف تجدك ؟ قال : والله يا رسول الله إني أرجو الله وإني أخاف ذنوبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وأمنه مما يخاف"
3 - ومهما اشتد به المرض فلا يجوز له أن يتمنى الموت.
صحيح فإن كان لا بد فاعلا فليقل: اللهم أحييني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي.
4 - وإذا كان عليه حقوق فليؤدها إلى أصحابها إن تيسر له ذلك وإلا أوصى لأمره صلى الله عليه وسلم بذلك.
5 - ولا بد من الاستعجال بمثل هذه الوصية لقوله صلى الله عليه وسلم:
"ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين وله شيء يريد أن يوصي فيه إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه قال ابن عمر: ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك إلا وعندي وصيتي.
6 - ويجب أن يوصي للأقربين الذين لا يرثون منه لقوله تبارك وتعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ}.
7 - صحيح وله أن يوصي بالثلث من ماله ولا يجوز الزيادة عليه بل الأفضل أن ينقص منه لحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه الثابت في الصحيحين:
كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فمرضت مرضا أشفيت منه على الموت فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله إن لي مالا كثيرا وليس يرثني إلا ابنة لي أفأ وصي بثلثي مالي ؟ قال : لا . قلت : بشطر مالي ؟ قال : لا . قلت : فثلث مالي ؟ قال:
"الثلث والثلث كثير" إنك يا سعد أن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون الناس وقال بيده إنك يا سعد لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله تعالى إلا أجرت عليها حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك.
قال : فكان بعد الثلث جائزا
وقول ابن عباس رضي الله عنه :
وددت أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع في الوصية لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الثلث كثير"
8 - ويشهد على ذلك رجلين عدلين مسلمين فإن لم يوجدا فرجلين من غير المسلمين على أن يستوثق منهما عند الشك بشهادتهما حسبما جاء بيانه في قول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِه ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً1 فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ}. ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ
9 - وأما الوصية للوالدين والأقربين الذين يرثون من الموصي فلا تجوز لأنها منسوخة بآية الميراث وبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أتم البيان في خطبته في حجة الوداع فقال:
"إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث".
10 - ويحرم الإضرار في الوصية كأن يوصي بحرمان بعض الورثة من حقهم من الإرث أو يفضل بعضهم على بعض فيه لقوله تبارك وتعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ. . . . مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً. . .ثم قال: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ}.
ولقوله صلى الله عليه وسلم:
"لا ضرر ولا ضرار من ضار ضاره الله ومن شاق شاقه الله".
11 - والوصية الجائرة باطلة مردودة لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".
ولما كان الغالب على كثير من الناس في هذا الزمان الابتداع في دينهم ولا سيما فيما يتعلق بالجنائز كان من الواجب أن يوصي المسلم بأن يجهز ويدفن على السنة عملا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.
ولذلك كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصون بذلك والآثار عنهم بما ذكرنا كثيرة تراجع في الأصل منها : عن حذيفة قال:
إذا أنا مت فلا تؤذنوا بي أحدا فإني أخاف أن يكون نعيا وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي.
ولهذا قال النووي رحمه الله تعالى في الأذكار:
ويستحب له استحبابا مؤكدا أن يوصيهم باجتناب ما جرت العادة به من البدع في الجنائز ويؤكد العهد بذلك.
يتبع ان شاء الله